إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
السنن الرواتب قبل الفريضة وبعدها
والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات رأس> عشر: وهي المذكورة في حديث ابن عمر اسم> رضي الله عنهما، قال: رسم> حفظت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الفجر متن_ح> رسم> متفق عليه حديث> .
الرواتب قبل الفريضة وبعدها:
قوله: (والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر:... إلخ):
والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر، وهي كما في حديث ابن عمر اسم> رسم> ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح في بيته متن_ح> رسم> وهكذا اقتصر على هذه العشر.
وقوله: في بيته، يعني: يصليها في بيته، ولعل ذلك لأنه كان يصليها منفردا، أو كان ينقطع عن الناس، أو أن ذلك أقرب إلى الإخلاص، فإن تيسر أن يصليها في بيته، فهو أفضل، وإن شق عليه أو خاف أن يغفل عنها إذا دخل بيته، وغالبا يغفل فيجوز أن يصليها في المسجد.
وقد ورد الترغيب في الزيادة على العشر، فثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- أحيانا يصلي أربعا قبل الظهر، كما في حديث عائشة اسم> قالت: رسم> كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدع أربعا قبل الظهر متن_ح> رسم> . وندب أيضا إلى أربع بعدها، كما في حديث أم حبيبة: رسم> من صلى قبل الظهر أربعا، وبعدها أربعا، حرمه الله على النار متن_ح> رسم> وذلك لأن الوقت كأنه وقت استراحة، ولأنه بعيد العهد بالصلاة أي من الصبح إلى الظهر لم يؤد فيه صلاة غالبا، فاستحب أن يؤدي قبلها أربعا بسلامين، ثم يصلي بعدها أربعا بسلامين، وأجاز بعضهم أن يصليهم بسلام واحد، ولكن الأولى أن يكون بسلامين، فقد ذكرت عائشة اسم> أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في كل ركعتين التحية أي: من تطوعه.
وقد ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة متن_ح> رسم> .
وقد زاد الترمذي في روايته فقال: رسم> أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر متن_ح> رسم> .
وهذا دليل على أن الرواتب اثنتا عشرة ركعة في اليوم والليلة.
ولم يذكر المؤلف رحمه الله بقية النوافل، وهو محل تنفل، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- رسم> رحم الله امرأ صلى أربعا قبل العصر متن_ح> رسم> أي: بسلامين، دعاء له بالرحمة، ولم يثبت فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- لها، لكنه رغب بها في هذا الحديث، كذلك -أيضا- ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين، لمن شاء متن_ح> رسم> حتى لا يقال: إنها فريضة، أو إنها لازمة، هكذا علل بعض العلماء.
وسمعت بعض مشايخنا يقول: إن بعض السلف كانوا يزيدون على الرواتب عشرين ركعة، ورأيت ذلك في بعض كتب الشافعية، قالوا: يصلي قبل الظهر ستا، وبعدها ستا، وقبل العصر أربعا، وبعد المغرب ستا، وبعد العشاء ستا، فيكون قد زاد على العشر عشرين ركعة، لأنه ست وست وست وست أي أربع وعشرون وأربع؛ فيكون المجموع ثماني وعشرين، وركعتا الفجر، فهذه ثلاثون.
وبالجملة فالصلاة مرغب في التطوع فيها، والإنسان يحرص على أن يتقرب منها بما يحب، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لربيعة: رسم> أعني على نفسك بكثرة السجود متن_ح> رسم> .
وبذلك نكون قد انتهينا من صفة الصلاة التي ذكر المؤلف فيها الأدلة، ولم يتوسع في الخلافات، ومن أراد الاطلاع على ما هو أوسع؛ فإن العلماء -رحمهم الله- وصفوا صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكروا ما بلغهم فيها، فلابن القيم في آخر كتابه (الصلاة) ذكر صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر أنه بيان مختصر مع كونه يذكر ما فيه خلاف، وله في (زاد المعاد) وصف لصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أيضا يشير إلى المسائل الخلافية، ويذكر وجه الخلاف، وما يترجح عنده، فمن أراد التوسع فليرجع إلى الكتب التي يتوسع فيها.
مسألة>